السبت، 12 يونيو 2010

تمهل قليلا.. فإنك يوم

تمهل قليلا فإنك يوم



ومهما أطلت وقام المزار



ستشطرنا خلف شمس الغروب



وترحل بين دموع النهار



وتترك فينا فراغا وصمتا



وتلقي بنا فوق هذا الجدار



وتشتاق كالناس ضيفا جديدا



وينهي الرواية.. صمت الستار



وتنسى قلوبا رأت فيك حلما



فهل كل حلمٍ ضياءٌ... ونار



ترفق قليلا ولا تنس أني



أتيت إليك وبعضي دمار



لأني انتظرتك عمرا طويلا



فتشت عنك خبايا البحار



وغيرت لوني وأوصاف وجهي



لبست قناع المنى المستعار



وجئت إليك بخوف قديم



لألقاك قبل رحيل القطار



* * *



تمهل قليلا..



ودعني أسافر في مقلتيها



وأمحو عن القلب بعض الذنوب



لقد عشت عمرا ثقيل الخطايا



وجئت بعشي وخوفي أتوب



ظلال من الوهم قد ضيعتنا



وألقت بنا فوق أرض غريبة



على وجنتيها عناء طويل



وبين ضلوعي جراح كئيبة



وعندي من الحب نهر كبير



تناثرت حزنا على راحتيه



ويوما صحوت رأيت الفراق



يكبل نهر الهوى من يديه



وقالوا أتى النهر حزنا عجوز



تلال من اليأس في مقلتيه



توارت على الشط كل الزهور



ومات الربيع على ضفتيه



تمهل قليلا..



سيأتي الحيارى جموعا إليك



وقد يسألونك عن عاشقين



أحبا كثيرا وماتا كثيرا



وذابا مع الشوق في دمعتين



كأنا غدونا على الأفق بحرا



يطوف الحياة بلا ضفتين



أتيناك نسعى ورغم الظلام



أضأنا الحياة على شمعتين



* * *



تمهل قليلا..



كلانا على موعد بالرحيل



وإن خدعتنا ضفاف المنى



لماذا نهاجر مثل الطيور



ونهرب من حلم في صمتنا



يطاردنا الخوف عند الممات



ويكبر كالحزن في مهدنا



لماذا نطارد من كل شيء



وننسى الأمان على أرضنا



ويحملنا اليأس خلف الحياة



فنكره كالموت أعمارنا



* * *



تمهل قليلا.. فإنك يوم



غدا في الزحام ترانا بقايا



ونسبح في الكون ذرات ضوء



وينثرنا الأفق بعض الشظايا



نحلق في الأرض روحا ونبضا



برغم الرحيل.. و قهر المنايا



أنام عبيرا على راحتيها



وتجري دماها شذى في دمايا



وأنساب دفئا على وجنتيها



وتمضي خطاها صدى في خطايا



وأشرق كالصبح فجرا عليها



واحمل في الليل بعض الحكايا



وأملأ عيني منها ضياءا



فتبحث عمري.. وتحيي صبايا



هي البدء عندي لخلق الحياة



ومهما رحلنا لها منتهايا



* * *



تمهل قليلا.. فإنك يوم



وخذ بعض عمري وأبقى لديك



ثقيل وداعك لكننا



ومهما ابتعدنا فإنا إليك



ستغدو سحابا يطوف السماء



ويسقط دمعا على وجنتيك



ويمضي القطار بنا والسفر



وننسى الحياة وننسى البشر



ويشطرنا البعد بين الدروب



وتعبث فينا رياح القدر



ونبقيك خلف حدود الزمان



ونبكيك يوما كل العمر
.........
((فاروق جويدة))



هلْ كانَ خـليلا سؤالُ البحْـر لي .. ؟

قلتُ :
ثمل الرقراقُ فالكأس إشاره
والطلا حرف وما ثم عباره. كلمات من هـنا
سابحة وعبير أزرق يعْـرَى ستاره.
كلمات تأخذ الشمسَ إلى كلمات الليل
ترويها عقاره، والحكايات مدارات الصدى
ومغارات فهلْ كنت المغاره ؟
للصدى همسُ الليالي
ما أتى دارة الأمس مدى يسأل داره،
ويرى ناره لثغاء الغضى ..
أمن اللثغة ما كان انشذاره ..
يا كلاما أبيضَ الصوت ويا شذراتٍ ليس تدري ما استثاره ..
ليس تدري ما حديث المنحنى
حينما الليل أرخى أستاره ما انتضى سيف الكناياتِ
التي شابت الليل عيونا مستعاره ..
فكأنْ ما قال إلا لغة عمرُها البحر إذا تأتي محاره .. ؟
أكتبتَ البحر، مني، شاعرًا ما رأى
إلا مقيلا وعثاره أم كتبت الذارياتِ المرتقى
وبراقُ المحو يجتاز مداره ؟
أم حبا الرقراقُ من صبوته ثملا يسحبُ لغوًا.
لا عـباره.

قالَ :
أنـا الرقـراقُ فاكتبني قليلا
وقلْ لي ما الذي كان المسيلَ. أنا الشذراتُ
مائية المعاني ولي السرواتُ أسرجتِ الفتيلَ. أنا العتباتُ
واللغة احتمالي إلى قنديلها يلغو بديلا.
أنا الجذباتُ
يتكئ انهياري على لغةِ انهياري
مستحيلا
ويقرأ ما بألواح الترائي تجلىَّ
من معلقـةٍ عديلا.
كأني منه متكأ القوافي
وقد مالت فأوشك أن يميلَ،
وكادت تكتبُ المهوى
قصيدا تملكني وأدركني رحيلا
لأقـرأ رحلة المعـنى مديدا من التـأويل
يحملني عليلا
وأحمله ولي ما لـيسَ لي
من كلام البحر يقدحني فتيـلا ..
لأنسى ما ترقرقَ من عيون الكلام
وما يطوقـنا جميلا
وما قال الغمامُ ولا غمام
وما انهلتْ مدائنه هديلا، وما هبت نوافحه
حروفا من الورد الذي يندى خليلا
وما عبرت مراياه المرايا
إلى لغةٍ ..
أكون بها قتيلا
ولا خطرت طيوفٌ ساحبات
ذيولَ الحلم كيْ أسري
قليلا إلى طيوفٍ سالباتٍ من حروفي
شذى الرقراق معراجا بليلا ..
لأنسى ما بنافذتي
وما بي وللأوراق أن تأتي جذيلا
ولشرق النخلتين يد التداني إذا ما الغربُ ألبسها رحيلا
ولي أفق،
بمائية القوافي، أراوده فيرديني كليلا.
أرى العتبات
ليس ترى دليلا
يكاد يشق عتمتها دليلا.
هناك حيال نافذة اشتعالي
سألت العمر: هل كان خليلا
سـؤالُ البحـر لي
وأنا متاه تطوحه مراوحه طويلا ؟
وهل كانت مسافته سؤالا عن البحر
الذي ينأى مسيلا ؟
وهل أنسى ملامحه رحيلا
لأرسو في ملامحه رحيلا ؟
وهل أكسو جدارية الأماسي
بجرح الماء
ملتـفتٍ عويلا ؟
بياضُ الوقتِ منهمر ممرًا من الكلمات
ترفو مستحيلا من الكلمات ..
يا قلبي الذي كان قلبي قبل أن يغفو قليلا ..
لأنسى،
يا بياضَ الوقتِ، قلبي إذا أودعته جَـذلا عديـلا ..

(مصطفى بن عبد الرحمن الشليح)